عندما جاء العصر الحديث بدأ العلماء بابتكار أساليب جديدة للطعام المصنَّع، وتغيرت أساليب الطعام لدى الناس، ولم يدرك العلماء أن الأساليب الجديدة تضر بالإنسان، فقد زادت نسبة الأمراض النفسية والجسدية بسبب هذه الأغذية المصنعة.
ولكن لو رجعنا إلى القرآن نجد الأمر الإلهي للناس بأن يأكلوا من الطيبات، وهي الأغذية التي خلقها الله لهم. يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) [البقرة: 172]. ولذلك يؤكد العلماء أن أفضل أنواع الغذاء ما نجده في الطبيعية جاهزاً دون أن تمسه يد البشر!
وقد توصلت دراسة أجراها فريق من الباحثين في جامعة College London إلى إمكانية وجود صلة بين الإصابة بالاكتئاب وتناول الأغذية المصنعة. فالذين يتناولون كمية أكبر من الخضروات والفواكه والسمك هم أقل عرضة للإصابة بالاكتئاب.
ويقول الفريق القائم على البحث إن هذه هي المرة الأولى التي يجري فيها النظر إلى علاقة النظام الغذائي بالاكتئاب في بريطانيا. وقد درست بيانات النظام الغذائي لثلاثة آلاف وخمس مئة شخص في منتصف العمر ثم قورنت بحالات الاكتئاب بعد خمس سنوات، كما ورد في مجلة The British Journal of Psychiatry وقسم الأشخاص الذين شملهم البحث إلى فئتين: فئة يعتمد نظامها الغذائي على الخضروات والفواكه والأسماك، وأخرى تتناول الأغذية المصنعة والمحتوية على نسبة عالية من الدهون.
لا تأكلوا الأغذية المصنعة والوجبات السريعة! هذه أحدث نصيحة يقدمها لك خبراء التغذية. فقد أثبتت الدراسات أن المعلبات من اللحوم والأغذية التي تحوي مواد حافظة والطعام الجاهز (همبرغر وغيره)... كلها لها آثار ضارة على نفسية الإنسان، فإذا أردت أن تتمتع بهدوء واستقرار نفسي، وبصحة جسدية أفضل وعمر أطول... فعليك أن تبتعد على هذه الأطعمة
وتبين من خلال هذه الدراسة أن نسبة الاكتئاب لدى الأشخاص الذين تناولوا كمية أكبر من الأغذية الطبيعية، أقل بـ 26 بالمئة من الأشخاص الذين تناولوا أغذية مصنعة مثل المرتديلا والهمبرغر والوجبات السريعة... وبالمقابل كانت نسبة الإصابة بالاكتئاب في أوساط الذين تناولوا كمية كبيرة من الأغذية المصنعة تزيد بمقدار 58 في المئة عن نسبة إصابة أولئك الذين تناولوا كمية قليلة من تلك الأغذية.
ويقول العلماء: هناك بحث توصل إلى أن الذين يتبعون نظاماً غذائياً خاصاً بدول البحر المتوسط يصابون بالاكتئاب بدرجة أقل. كذلك هناك أبحاث عديدة تربط بين نوعية الغذاء وبين الأمراض التي يُصاب بها الإنسان.
كلمة لأطباء المسلمين...
أحبتي في الله! العلماء من غير المسلمين ليس لديهم قاعدة ثابتة يستندون إليها في تجاربهم، ولذلك تجد النظريات تتغير وتتطور بين الحين والآخر. ولكن ما يميزنا نحن المسلمين أن لدينا كتاباً عظيماً فيه تبيان لكل شيء، وقد فصل الله لنا الكثير من الأشياء المرتبطة بصحتنا النفسية والجسدية.
لقد أثبتت العديد من الدراسات العلمية أن أفضل أنواع الأغذية هي ما خلقه الله لنا في هذه الطبيعة، وبخاصة الفاكهة والحبوب واللحوم، ويقول العلماء إن الإنسان الذي يركز في غذائه على الفواكه يكون أكثر قدرة على تحمل الضغوط النفسية، وأكثر هدوءاً، ولذلك يقترح بعض الباحثين طريقة لعلاج الانفعالات من خلال الإكثار من أكل الفاكهة! ولذلك لابد أن نشكر الله تعالى على نعمه العظيمة حيث قال: (وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ * فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ * وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) [الرحمن: 10-13].
وأقول لأطباء المسلمين لماذا لا تقومون بهذه التجارب لتثبتوا للعالم كله صدق هذا الدين الحنيف:
1- إثبات أن الذي يعتمد على النظام الغذائي الإسلامي هو أكثر صحة من غيره. أي المطلوب القيام بتجربة علمية على أناس مسلمين لا يأكلون لحم الخنزير، ويأكلون اللحم مذبوحاً على الطريقة الإسلامية، وبالمقابل إجراء نفس التجربة على أناس غير مسلمين لا يطبقون هذه القواعد.
2- إثبات أن الإنسان الذي يكثر من تناول التمر والعسل وزيت الزيتون وهي الأغذية الأساسية التي ذكرها القرآن، هو أكثر صحة من الإنسان العادي الذي لا يطبق هذا النظام. وأن هذه الأغذية تؤثر على الحالة النفسية وتجعل الإنسان أكثر استقراراً.
3- إثبات أن الذي يأكل بيمينه ويذكر اسم الله على الطعام، سيكون أكثر صحة من الذي لا يذكر اسم الله ولا يأكل بيمينه.
إنني كمسلم أعتقد أن الأغذية التي ورد ذكرها في القرآن: الزيتون، والتين، التمر، العنب، الرمان، العسل... جميعها تؤمن لك استقراراً نفسياً أكبر، وتجعل النظام المناعي لديك أكثر مقاومة للأمراض، وبخاصة أمراض القلب والسرطان. وأكد القرآن على أهمية تناول الأغذية الطبيعية، ولذلك قال تعالى: (فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) [النحل: 114].
وهذه تجارب بسيطة وميسرة ولكنها تتطلب بعض الصبر والتخصص، والحقيقة يا إخوتي لو كان لدينا مركز أبحاث لسارعنا إلى تطبيق آلاف التجارب الإسلامية التي غفل عنها علماء الغرب، وجميعها مستنبط من القرآن والسنّة. وعسى أن تكون مثل هذه التجارب وسيلة لإظهار عظمة الإسلام وإظهار معجزات هذا القرآن.
ونسأل الله تعالى أن يسخر للقيام بمثل هذا العمل من يحبه ويرضاه... إنه قادر على الإجابة... فهو القائل: (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ) [فصلت: 53-54].