كشف العلماء حديثاً أن الحيوانات تكذب! وهذا ما عرفه العلماء منذ زمن طويل حيث لاحظوا أن بعض الحيوانات تستخدم الخداع والتمويه لإنقاذ نفسها من الأعداء. وكمثال على ذلك الحرباء التي يتلون جلدها بلون الأرض فيمر الحيوان المفترس بقربها ولا يميزها، وبالتالي تستخدم الحيوانات الكذب والغش والخداع كنوع من أنواع الدفاع عن النفس.
في بحث أجراه Eldridge Adams من جامعة University of Rochester تبيَّن له أن الحيوانات تستخدم الكذب لتحقيق مآربها. ويقول هذا الباحث إن الإشارات التي تطلقها الحيوانات وتتواصل مع بعضها ليست دائماً صادقة! وقد رصد العلماء دماغ بعض الحيوانات ولاحظوا وجود نشاط في مناطق محددة أثناء تواصل هذه الحيوانات مع بعضها.
معظم السحالي تستخدم الخداع في معركتها مع الحيوانات الأخرى، فإذا ما هوجمت من قبل الثعابين فإنها تقطع ذيلها وتتركه يتلوى خلفها مما يشغل الحيوان المفترس ويعطي فرصة للسحلية للهروب والنجاة بنفسها، وطبعاً هذا نوع من أنواع الخداع!
وتعتبر السحلية الأسترالية ذات الأغشية أكثر السحالي استعمالاً للخداع كوسيلة للدفاع عن النفس، حيث إنها ترتكز على أرجلها الخلفية وتُبْرِزُ غشاءً كبيرًا من الجلد حول عنقها، ثم تفتح فمها مصدرة فحيحًا شبيهًا بفحيح الأفاعي، وبذلك تبدو أكبر من حجمها بمرات عديدة. وبالإضافة إلى ذلك تَكْتَسبُ منظرًا شرساً مخيفاً عكس حالها الطبيعي، ويخيف السقنقور الأسترالي أزرق اللسان أعداءه من المفترسات بإظهار لسانه الأزرق الفاقع اللون.
الخداع عند الحيوانات
جميع الحيوانات تقريباً زودها الله "بعقل" تفكر فيه ولولا هذا العقل لهلكت! فالبقرة عندما تشعر بالخطر تخبئ طفلها في العشب لكي لا تأكله الذئاب المفترسة، وكذلك تفعل معظم الحيوانات والحشرات والطيور، حيث تخفي أبناءها خوفاً عليهم من الخطر، وكل حيوان لديه طريقة في إخفاء أولاده.
إنه ضفدع أخفى نفسه عن الأعداء من خلال تغيير ألوانه ليبدو بنفس ألوان الحجر الذي يقف عليه، فيمر من جانبه الثعبان مثلاً ولا يلاحظ وجوده، ويقول العلماء إن ظاهرة التمويه والإخفاء عند الحيوانات غريبة ومذهلة، وتحتاج لعمليات معقدة لا يمكن أن تكون قد جاءت بالمصادفة.
التمويه والإخفاء ظاهرة منتشرة في عالم الحيوان والطيور والحشرات والأسماك، ففي جسم الحيوان هناك تجهيزات خاصة (موجودة في جيناتها) فخلايا الجلد تتأثر بألوان البيئة المحيطة وتمتصها وتتفاعل معها، ثم تحلل هذه الألوان وتفرز المواد اللازمة لتلوين جلدها بنفس الألوان.
الثعلب القطبي يغير لون فرائه حسب الفصل، ففي الشتاء يصبح لونه أبيض بلون الثلج (الصورة اليمنى) فيصعب على الأعداء تمييزه، بينما في الصيف يعود لألوانه الطبيعية (الصورة اليسرى). ويقول العلماء إن هذا الثعلب وغيره من الحيوانات مزودة بأجهزة معقدة تنتج الهرمونات اللازمة لتغيير لون الفراء حسب الحاجة!
الكذب عند الكائنات البحرية
أيضاً الكذب في عالم الأسماك والكائنات البحرية معروف عند العلماء، ففي بحث جديد وجد العلماء أن الأخطبوط يتقن فن الخداع والمراوغة والاختفاء. يعتبر فن التمويه والخداع عند الأخطبوط أحد الظواهر الأكثر روعة في الطبيعة، وهذه الظاهرة تشهد على قدرة الخالق عز وجل، فالأخطبوط لديه قدرات هائلة على تلوين جلده والاختباء والتخفي وخداع الفريسة. بل إن العلماء يحاولون تعلم فن التمويه من هذه المخلوقات من أجل أغراض عسكرية، وكأن الله تعالى سخَّر هذا الكائن لنستفيد ونتعلم منه!
والذي أذهل العلماء التركيب الرائع لطبقات جلد الأخطبوط حيث تختص كل طبقة بمهمة محددة، حيث تقوم طبقة تسمى leucophore والتي تعمل كغطاء أساسي مع طبقة ثانية تدعى chromatophores وهذه الطبقة مملوءة بالصبغات المختلفة الألوان، وطبقة ثالثة تدعى iridophores ومهمتها عكس الضوء بشكل دقيق. وهذه الطبقات تعمل على خداع الفريسة، ومن هنا وجد العلماء أدلة حقيقية على أن الحيوانات تكذب مثل البشر تماماً لتحقيق مصالحها.
ثلاث لقطات تظهر كيف يختبئ الأخطبوط خلف النباتات ولا يمكن ملاحظته (الصورة الأولى) ثم يظهر في الصورة الثانية كيف يبدأ بالبروز من بين النباتات، وأخيراً في الصورة الثالثة يظهر الأخطبوط بوضوح ليهاجم فريسته، وهذه العملية تتم في زمن قصير جداً بحيث لا يمكن للفريسة أن تلاحظ ذلك. وهذه العملية كما يقول العلماء تحتاج لعمليات معقدة يقوم بها دماغ الأخطبوط، مما يدل على وجود أسرار في هذه المخلوقات.
الوقواق يخدع الطيور من أجل تربية أبنائه
في بحث أجراه علماء أستراليون (في الجامعة الوطنية الأسترالية وجامعة كامبردج) تبين أن طائر الوقواق يقوم بوضع بيوضه في أعشاش طيور من نوع آخر وهذه عملية وهمية تخدع بها أنواعاً أخرى من الطيور لتقوم بإطعام صغارها والاهتمام بها.
وبعد مراقبة طويلة لهذا الطائر وجد الباحثون شيئاً غريباً، وهو أن الوقواق وبعد أن يقوم بوضع صغاره في أعشاش طيور أخرى، تقوم الطيور الصغيرة بتقليد صوت الأم الجديدة لاستثارة عواطفها! وما يدهش العلماء: كيف تتعرف هذه الطيور الصغيرة على الصوت الصحيح، حيث وجدوا أن الفرخ الصغير منذ خروجه من البيضة يقوم بإطلاق زقزقة تناسب نوع الطير صاحب العش الجديد.
وفي تجربة غريبة قرر الباحثون اكتشاف السر في ذلك، فقاموا بتغيير عش الطائر الصغير ونقله إلى عش لطائر من نوع آخر، ووضعوا مكبرات للصوت ثم قاموا بتحليل الزقزقة التي يطلقها هذا الطائر، وقد ذُهل الباحثون عندما وجدوا أن الطائر يعدل نوعية الإشارات الصوتية التي يطلقها بشكل يستجيب له الطائر صاحب العش الجديد.
يؤكد الباحثون أن نوعية الصوت الذي تطلقه صغار طائر الوقواق لا يمكن تعلمه، بل هو مبرمج مسبقاً في دماغه. لأن هذه الطيور لم تسمع من قبل نداء أبناء الطيور المضيفة لها. فهذه الطيور بارعة في استثارة عاطفة الطيور من نوع آخر من أجل إطعامها. وهذا يدل على أن الطيور تفكر ومن الممكن أن تخدع وتكذب وتراوغ.
الكذب في عالم الحشرات
لاحظ العلماء وجود نوع من أنواع الخداع عند معظم الحشرات ومنها الفراشات والنمل والزنابير وغير ذلك. فبعد مراقبة طويلة لنوع من أنواع النمل يدعى نمل النار وهو موجود في أمريكا، وجد العلماء شيئاً غريباً ألا وهو أن هذا النمل لديه لسعة قاتلة لبقية الحشرات التي تهاجمه مثل الزنابير، ولكن لاحظوا أن بعض الزنابير تدخل إلى عش النمل بسهولة وتأكل بعض اليرقات وتخرج دون أن يكتشفها النمل!
وبعد مراقبة طويلة تبين لهم أن الزنبور يطلق رائحة خاصة تشبه الرائحة التي يطلقها النمل فلا تستطيع النملات المدافعات عن العش تمييزه، وبالتالي يخدعها بهذه الرائحة ويدخل ويأكل ما يشاء من اليرقات ثم يخرج.
كذلك فإن الخداع موجود في عالم الفراش، حيث تقوم الفراشة بفرد جناحيها لإخافة العدو.
الفراشة لديها طريقة ذكية في الدفاع عن نفسها ضد الأعداء المفترسين، فعندما تشعر بالخطر تقوم بإظهار جناحيها، وعندما ينظر إليهما العدو يرى نفسه أمام عينين لمخلوق مخيف فيبتعد ويخاف، إنها طريقة تستخدمها الفراشة لإخافة المفترسين لتنجو بحياتها، وسبحان الله، مَن الذي زوَّد الفراشة بهذه القدرة الفائقة؟
الطيور تشبه البشر في طريقة التعلم
في بحث جديد تبين للعلماء أن أدمغة الطيور تعمل بكفاءة عالية أثناء التغريد، مما يعني أنها تتأثر بالأصوات المحيطة بها، ويؤكد هذا البحث أن الطيور تتعلم الغناء مثل البشر! ويحدث في دماغها نشاط أثناء تعلم التغريد وهذا من عجائب الطيور فسبحان الله!
فالببغاء تستطيع أن تقلد الأصوات التي تسمعها، وقد استخدم العلماء أجهزة مغنطيسية لرصد وتحليل دماغ الطيور أثناء التعلم، وقالوا إن الطيور والحيوانات والحشرات تتأثر بالترددات الصوتية، وقد يكون لديها قدرة على معالجة هذه الترددات وتحليلها، إلا أن الأبحاث لا زالت في بدايتها.
يقول تعالى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) [الأنعام: 38]. القرآن يقول: (إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ) وعلماء الغرب يكررون هذا القول في أبحاثهم دون أن يشعروا! فهذا هو الدكتور Erich Jarvis أستاذ مساعد في علم الأعصاب، والذي قام بالتجارب على الطيور يقول بالحرف الواحد:
This type of vocal learning is similar to the way that humans learn to speak
أي أن هذا النموذج من التعلم الصوتي (عند الطيور) مشابه للطريقة التي يتعلم بها البشر الكلام!!
ويحاول العلماء الاستفادة من هذا الاكتشاف لعلاج الاضطرابات لدى البشر مثل اضطرابات التعلم والنطق. أي أن الله سخر لنا هذه الطيور لنتعلم منها ونستفيد فهي مسخرة لنا!
الإعجاز العلمي
يعجب بعض المشككين من قصص القرآن ويقولون إنها من نسج الخيال وهي عبارة عن أساطير لا تتفق مع العلم الحديث. وسبحان الله! كلما كشف العلماء حقيقة علمية جديدة كان للقرآن السبق في الإشارة إلى هذه الحقيقة بكل وضوح. ومن الأشياء التي انتقدها بعضهم قصة سيدنا سليمان مع طائر الهدهد.
فالقصة تخبرنا أن الهدهد يتكلم ومن الممكن أن يكذب وأن سيدنا سليمان كان يخاطب هذه الطيور ويفهم لغتها، يقول تعالى: (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26) قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ) [النمل: 20-27].
ففي هذا النص القرآني عدة حقائق علمية، فالطيور لديها القدرة على الكلام والتعلم وهذا ما أثبته العلماء في أبحاثهم، والطيور من الممكن أن تكذب، وهذا أيضاً أثبته العلماء في أبحاثهم. انظروا يا أحبتي! هذه معلومات دقيقة جداً ولا يمكن لأحد أن يتوقع أو يتنبأ بها قبل سنوات قليلة، فكيف بنا إذا علمنا أنها ذُكرت في القرآن قبل أربعة عشر قرناً؟؟! وسؤالنا لكل ملحد مشكك: كيف تمكَّن النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم من معرفتها لو لم يكن رسولاً من عند الله!
ملاحظة
قد يستغرب بعض الإخوة القراء من إطلاق كلمة (الكذب) على الحيوانات، وهي المخلوقات التي تعودنا على أنها مجتمعات منظمة لا تعرف الحقد أو الغش أو الخداع، ولذلك نقول: إن القرآن هو أو كتاب يطلق هذه الكلمة على الطيور في قول سيدنا سليمان عليه السلام مخاطباً الهدهد: (قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ) [النمل: 27]. فهذه الآية دليل مؤكد على احتمال أن يكون الهدهد كاذب! أي من الممكن أن الطيور تكذب وكذلك بقية الحيوانات.
وهناك آية ثانية تؤكد أن هذه المخلوقات هي أمم أمثالنا، يقول تعالى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) [الأنعام: 38] فالبشر يكذبون وكذلك النمل والحشرات والطيور والحيوانات، وهذه معجزة قرآنية واضحة، واليوم نجد علماء الغرب بعد أبحاث طويلة جداً يستخدمون كلمة (الكذب) في أبحاثهم وهي أبحاث علمية! مثلاً: انظر مقالة على موقع جامعة روشستر بالولايات المتحدة الأمريكية بعنوان (هل الحيوانات تكذب، والذي تم بناء النتائج فيها على بحث علمي قام به أحد علماء جامعة روشستر). والله أعلم.