من المعروف أن الإلحاد ظاهرة خطيرة تدمر المجتمع وللأسف بدأ يغزو مجتمعاتنا هذه الأيام، بسبب جهل بعض المسلمين وقلة معرفتهم بدينهم.. ولذلك لابد لنا أن نظهر حقيقة الإلحاد وأنه مجرد وهم.. ولا يوجد شيء اسمه "ملحد" بالمعنى الحرفي للكلمة، فالملحد هو مؤمن بوجود الله في قرارة نفسه ولكن الذي يمنعه من الاعتراف بهذه الحقيقة هو التكبر.
ولكن ظاهرة الإلحاد لفتت انتباه العلماء في بلد الإلحاد فنلندا، حيث قام باحثون من جامعة هلسنكي University of Helsinki ونشر في شباط 2013 في المجلة الدولية لعلم نفس الأديان، وجد العلماء أن الملحد لا يظهر أي رد فعل تجاه ذكر الله أو التجرؤ على الله تعالى ظاهرياً، ولكن هل هذه هي الحقيقة، وهل هذا ما يحدث في قلبه ودماغه أم هناك شيء آخر؟
لقد أجرى الباحثون بإشراف الدكتورة Lindeman Marjaana تجربة على عدد من الملحدين وتم رصد التغيرات التي تطرأ على نشاط الدماغ والجلد والقلب... ووجدوا حقائق غريبة لا يمكن إنكارها.
دعونا نتأمل بعض العبارات التي وردت في الدراسة:
The heads and hearts of atheists may not be on precisely the same page.
تقول الباحثة Lindeman Marjaana في هذا البحث:
“The results imply that atheists’ attitudes toward God are ambivalent, in that their explicit beliefs conflict with their affective response,”
وهذا يعني أن نتائج هذه الدراسة تشير إلى أن مواقف الملحدين تجاه الله متناقضة، فهم يعيشون في صراع بين ما يعتقدون به وبين ما في داخلهم..
تم رصد استجابة الملحد لكلمة (الله) تعالى من خلال وضع أقطاب كهربائية على أصبعين من أصابعهم، وقام الملحد بترديد عبارات تجرؤ على الله تعالى، مثلاً لو كان الله موجوداً ليجعل والدي يغرق.. وعبارات من هذا القبيل..
المفترض أن مثل هذه العبارات عندما يتجرأ بها الملحد على الله لا تثير في داخله أي خوف، لأنه أصلاً غير مؤمن بالله.. ولكن الحقيقة أن جلد وقلب ودماغ الملحد استجاب لهذا التهديد وحدثت تغيرات فيزيولوجية تؤكد أن الملحد يعترف ضمنياً بوجود الله، ولكنه يجحد به ظاهرياً!!!
وتقول الدراسة:
The arousal levels of the believers and non-believers followed precisely the same pattern.
وهذا يعني أن مستويات التأثر بكلمة (الله) أو التجرؤ على الله كانت ذاتها لدى الملحد والمؤمن، وهذا يعني أن خلايا الإنسان تستجيب لخالقها بغض النظر عن مستوى إيمانه بالله، لأنه لا توجد خلايا مؤمنة وخلايا ملحدة، بل هذه الخلايا تسبح خالقها عز وجل وتخافه وتتأثر بكلامه سبحانه وتعالى!
هذه الحقيقة التي يكتشفها العلماء عام 2013 أخبر عنها القرآن قبل 1400 سنة، قال تعالى عن ملحدي فرعون: (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) [النمل: 14].
في هذه الدراسة وجد الباحثون أن كلمة (الله) لها تأثير مخيف أو مرعب على الملحد تحديداً الذي لا يؤمن بالله تعالى.. ونجدهم يقولون:
Atheists “may have found using the word God stressful"
ويعتقدون أن هذا التأثير بسبب البيئة المحيطة بهم، ولكننا نعتقد أن الله تعالى هو من خلق هؤلاء الملحدين وهو من أخبرنا بحقيقتهم، قال تعالى: (وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) [الزمر: 45]. فذكر الله تعالى أمام الملحد يثير الخوف والاشمئزاز في داخله، ولو أخفى ذلك وصرح بأنه لا يتأثر ولا يعترف بالخالق تعالى.
يركز الباحثون في هذه الدراسة على تأثر الجلد بذكر الله تعالى سواء ذكر الله بأشياء حسنة أو أشياء إلحادية. فالجلد يظهر ردود فعل لدى سماع الإنسان كلمات تتعلق بالله تعالى.
جاء في الدراسة:
But skin conductance data revealed the underlying emotional reactions of the two groups were essentially the same. This suggests that taunting God made the atheists more upset than they were letting on even to themselves.
إن المعلومات التي ينقلها الجلد تكشف الردود العاطفية الداخلية ذاتها لكلتا المجموعتين (المؤمنين والملحدين)، فالاستهزاء بالله يجعل الملحد مضطرباً ومنزعجاً.. وسبحان الله، هذا تأكيد من الباحثين أن الإلحاد يولد الاضطراب.. ماذا قال الله تعالى عن أولئك المكذبين؟
يقول تعالى: (بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ) [ق: 5]. أي أن كل من يكذب بالحق من أمثال الملحدين تجدهم في أمر مريج أي مضطرب.. أليس هذا الوصف دقيقاً للحالة التي يعيشها الملحد؟
ولكن الملحد عندما يرى الحقيقة يوم القيامة، ويرى النار حقيقة واقعة ماذا يقول؟ تأملوا معي قول الملحد يوم لقاء الله: (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ * انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ) [الأنعام: 23-24]. فقد كذب على نفسه مرتين، في الدنيا كذب عندما ادعى الإلحاد وهو يعترف بالله في قرارة نفسه. ويوم القيامة كذب مرة ثانية عندما ادعى أنه لم يشرك بالله، وهو في الواقع كان يتخذ من دون الله أولياء يعبدهم ويتقرب إليهم!!