أنتقل إلى موضوع مهم جداً، وهو موضوع مصادر العقيدة عند أهل السنة والجماعة.
للعقيدة عند أهل السنة والجماعة مصدران أساسيان:
هما: كتاب الله تعالى وهو القرآن الكريم، وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم الصحيحة في أمور الاعتقاد،
ويجوز أن نجعل إجماع السلف مصدراً ثالثاً؛ لكني لا أرى ذلك؛ لأن الإجماع خاصة في الاعتقاد لا يمكن يبنى إلا على نصوص؛
لأن أمور العقيدة بالجملة توقيفية وغيبية، والأمر التوقيفي أو الغيبي لا يمكن أن يكون فيه إجماع إلا على نص، مع أن هذا وارد حتى في الأحكام، لكني أرى أن العقيدة لا ينبغي أن نجعل لها أكثر من هذين المصدرين مادام الإجماع مبنياً عليهما.
أما الفطرة والعقل السليم فهما مصدران -في نظري- رافدان ومؤيدان للكتاب والسنة؛ لأن الفطرة السليمة والعقل السليم يدركان أصول الاعتقاد على الجملة، بمعنى أن الفطرة تدرك وجود الله سبحانه وتعالى، وتدرك ضرورة النبوات إذا أوتيت عقلاً سليماً، وتدرك ضرورة البعث، وتدرك ضرورة اتصاف الله سبحانه وتعالى بالكمال، كل هذه الأمور تدركها الفطرة والعقل السليم، لكن على الإجمال لا على التفصيل.
إذاً: فالعقل السليم والفطرة أرى أنهما رافدان لا يستقلان بتقرير العقيدة؛ لذلك لم يستغن البشر في تقرير العقائد عن الأنبياء أبداً، ولا يجوز أن يتعارض نص صحيح ثابت مع عقل سليم أو فطرة سليمة، بعكس ما يدعي كثير من المتكلمين.