إن خصائص عقيدة أهل السنة والجماعة كثيرة، لعلي أشير إلى بعضها بإيجاز.
فأول خصائص عقيدة أهل السنة والجماعة التي تمتاز بها عن عقائد الفرق وعقائد غير المسلمين:
اعتمادها على الكتاب والسنة وإجماع السلف فحسب، ولا يتضح هذا إلا لو استعرضنا مصادر العقيدة عند الفرق الأخرى.
فمثلاً: من أقرب الناس إلى أهل السنة من الفرق: الأشاعرة والمتكلمين، فهؤلاء يجعلون المصدر الأساسي للعقيدة القواطع العقلية، فيكونون قد أتوا بمصدر ثالث، أرى أنه مصدر هادم، فيقولون: بأن القواطع العقلية مصدر أساسي، يأتي بعده قطعيات الكتاب والسنة، أما أهل السنة والجماعة فمن أهم خصائص عقيدتهم الإسلامية: اعتمادها على الكتاب والسنة وإجماع السلف فحسب، وكذلك من خصائصها أنها توقيفية وغيب، ليس في العقيدة فيما أعلم شيء إلا وهو توقيفي، لابد أن يكون مستمداً إما عن الله سبحانه وتعالى أو عن المعصوم صلى الله عليه وسلم، لا يمكن أن يرد شيء من أمور العقيدة لا في كلياتها ولا في جزئياتها إلا وهو توقيفي، وإذا خرجنا عن هذه القاعدة، وقعنا فيما وقعت فيه الفرق من التلفيق والانحراف والضلال والتحريف.
ومن خصائصها: أنها أكثر موافقة للفطرة القويمة والعقل السليم.
ومن أبرز خصائصها أيضاً: اتصال سندها برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه الخصيصة لا توجد عند أي فرقة من الفرق، كل الفرق نجد أن عقائدها مستمدة من زعمائها وروادها الكبار، أما عقيدة أهل السنة والجماعة فكلها مسندة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، إما عن طريق القرآن، أو عن طريق السنة الصحيحة.
ومن ميزات عقيدة أهل السنة والجماعة وخصائصها: أنها تمتاز بالوضوح والبيان، والخلو من التعارض والتعقيد والتناقض والفلسفة.. وكثير من الأمور التي تحول بينها وبين فهم الناس لها، بخلاف عقائد الفرق الأخرى، فكلها لا تخلو من شيء من التعقيد أو التناقض أو الفلسفة أو التعارض، سواء في ألفاظها أو معانيها.
فلو استعرضنا عقيدة أهل السنة والجماعة لوجدنا أنها واضحة العبارة، بينة المعالم، قريبة للفطرة، قريبة للنفس وللفهم، بخلاف عقائد المتكلمين ومن نحا نحوهم فإنها كثيراً ما تحتاج إلى إيضاح وبيان، وحتى الذين قالوها أو قرروها وقعدوها نجد أنهم يختلفون كثيراً عند بيانها وشرحها وتقعيدها، بخلاف عقيدة أهل السنة والجماعة، فهي منقولة عن السلف بألفاظها.
ومن خصائص عقيدة أهل السنة والجماعة: سلامة أتباعها في العموم من التلبس بالبدع والشركيات والآثام والكبائر، وهذه تعرف بالاستقراء، فغير أهل السنة والجماعة لا يمكن أن يسلم من علة من هذه العلل، لابد أن يكون لديه شيء من البدع، أو شيء من الشركيات، أو شيء من ارتكاب الآثام والكبائر واستحلالها، وهذا لا يعني أن أهل السنة معصومون من الكبائر أو من ارتكاب الآثام، لكنهم لا يستحلونها، أما بقية الفرق فلا يسلم -حسب علمي- أحد من أن توجد فيه علة من هذه العلل، وأكثرها البدع في الاعتقادات والعبادات، ويكفي من الفرق التي خالفت أهل السنة والجماعة أنها قالت في الله بغير علم، لا توجد فرقة من الفرق التي خرجت عن منهج أهل السنة والجماعة، وأقربها وأسهلها انحرافاً الأشاعرة والماتريدية، ومع ذلك قالت في الله بغير علم، كتأويل الصفات مثلاً.