شخصيتنا العظيمة في هذا الموضوع هي لقائد الكتيبة الخاصة ورجل المهمات المستحيلة وفارس من أشجع الفرسان قاد العديد من العمليات الخاصة بنجاح وهو صحابي جليل ولكن للأسف قل من يعرفه لذا فتحت موضوعاً للتعريف به وبإنجازاته
إسمه ونسبه
هو محمد بن مسلمة بن سلمة بن خالد بن عدي بن مجدعة بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك الأوسي الأنصاري ثم الحارثي، حليف بني عبد الأشهل.
مولده وصفاته الجسديةش
ولد قبل البعثة باثنتين وعشرين سنة، وكان ممن سمي في الجاهلية محمدا، يصفونه فيقولون: أسمر شديد السمرة، طويل القامة، أصلع الرأس، ضخم الجسم، وقور.
إسلامه
أسلم على يد مصعب بن عميرحينما كان في المدينة، وآخى الرسول صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبي عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه.
جهاده
1- إغتيال كعب بن الأشرف
من أشهر مواقفه ما كان منه في قتل عدو الله كعب بن الأشرف الذي ساءته نتيجة الحرب بين المشركين والمسلمين في بدر، فنزل مكة، وجعل يحرض على المسلمين وينشد الأشعار ويبكي أصحاب القليب، الذين قتلوا ببدر، ويؤلب كفار قريش على الثأر، ثم رجع إلى المدينة فأخذ ينظم الأشعار تغزلا وتشببا بأمهات المؤمنين ونساء الصحابة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لي بابن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله؟"، فقال محمد بن مسلمة: يا رسول الله أتحب أن أقتله؟ قال: نعم، قال: أنا أقتله، قال: فافعل إن قدرت على ذلك. ولأن ابن مسلمة رجل لا يعرف غير الوفاء بما وعد به رسول الله صلى الله عليه وسلم على أكمل وجه، فقد مكث ثلاثا لا يأكل ولا يشرب، إلا ما يعلق به نفسه، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاه فقال له: "لم تركت الطعام والشراب؟"، فقال: يا رسول الله قلت لك قولا لا أدري هل أفين لك به أم لا؟، فقال: إنما عليك الجهد.
اجتمع محمد بن مسلمة الأنصاري، وأبو نائلة سلكان بن سلام بن وقش، وكان أخا كعب بن الأشرف من الرضاعة، وعباد بن بشر بن وقش والحارث بن أوس بن معاذ وأبو عبس بن جبر من بني حارثة، يفكرون في الحيلة التي يدخلون بها على ابن الأشرف، ثم اجتمعوا عند رسول الله فمشى معهم صلى الله عليه وسلم إلى بقيع الغرقد، فقالوا: يا رسول الله إنه لا بد لنا من أن نقول، قال: "قولوا ما بدا لكم، فأنتم في حل من ذلك"، ودعا لهم، فانطلقوا إلى بغيتهم، فأتى محمد بن مسلمة كعب بن الأشرف فقال: إن هذا الرجل قد سألنا صدقة، وإنه قد عنانا، وإني قد أتيتك أستسلفك، قال: وأيضا والله لتملنه، قال: إنا قد اتبعناه، فلا نحب أن ندعه حتى ننظر إلى أي شيء يصير شأنه، وقد أردنا أن تسلفنا وسقا، أو وسقين، فقال: نعم ارهنوني، قالوا: أي شيء تريد؟ قال: فارهنوني نساءكم، قالوا: كيف نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب؟ قال: فارهنوني أبناءكم، قالوا: كيف نرهنك أبناءنا فيسب أحدهم، فيقال رهن بوسق أو وسقين؟ هذا عار علينا، ولكنا نرهنك اللامة (يعني السلاح) فواعده أن يأتيه، فجاءه ليلا ومعه أبو نائلة وهو أخو كعب من الرضاعة، فدعاهم إلى الحصن، فنزل إليهم فقالت له امرأته: أين تخرج هذه الساعة؟، فقال: إنما هو محمد بن مسلمة، ورضيعي أبو نائلة، فقال محمد بن مسلمة لمن معه: إذا ما جاء فإني قائل بشعره فأشمه، فإذا رأيتموني استمكنت من رأسه فدونكم فاضربوه، فنزل إليهم وهو ينفح منه ريح الطيب، فقال: ما رأيت كاليوم ريحا أي أطيب فقال: أتأذن لي أن أشم رأسك؟، قال: نعم، فشمه، ثم أشم أصحابه، ثم قال: أتأذن لي أن أعود؟، قال: نعم، فلما استمكن منه، قال: اضربوا عدو الله، فاختلفت عليه أسيافهم، قال محمد بن مسلمة: فذكرت مغولا (سوطا في جوفه سيف دقيق) في سيفي، حين رأيت أسيافنا لا تغني شيئا، فأخذته، فوضعته في ثنته ثم تحاملت عليه حتى بلغت عانته فوقع عدو الله، وقد صاح صيحة لم يبق حولنا حصن إلا وقد أوقدت عليه نار، وأصيب الحارث بن أوس بن معاذ فجرح، قال: فاحتملناه فجئنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر الليل وهو قائم يصلي، فسلمنا عليه فخرج إلينا، فقال: أفلحت الوجوه، فأخبرناه بقتل عدو الله، وتفل على جرح صاحبنا، فرجع، ورجعنا إلى أهلنا، فأصبحنا وقد خافت يهود لوقعتنا بعدو الله فليس بها يهودي إلا وهو يخاف على نفسه.
2- إحباط عملية تخريبية للمشركين
كان محمد بن مسلمة هو قائد حرس معسكر المسلمين على مقربة من مكة، قبيل توقيع صلح الحديبية بين المسلمين ومشركي قريش في العام السادس للهجرة، وكانت قريش قد بدأت تفكر جديا في الصلح، فأرادت مجموعة من شباب قريش أن يقطعوا كل طريق للصلح، وعملوا على فرض القتال على المسلمين وعلى القرشيين، فقامت هذه المجموعة وهم حوالي خمسين من المشركين بالتسلل لمعسكر المسلمين ليلا، وكان محمد بن مسلمة ومجموعته في انتظارهم، فاعتقلهم، وساق الصيد الثمين إلى رسول الله بعد أن أمكن الله منهم، فأمر صلى الله عليه وسلم بإطلاقهم تأكيدا لنيته في الصلح، ونزل في ذلك قوله تعالى: "وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا" (الفتح: 24).
3- حصار بن النضير
عندما حاول اليهود اغتيال الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قام بإرسال عدد من السرايا أولها سرية محمد بن مسلمة الأنصاري
4- سرية القرطاء
بعد فشل الأحزاب، ورحيلهم عن حصار المدينة المنورة، رفع النبي صلى الله عليه وسلم شعار: "الآن نغزوهم ولا يغزونا"، فوجه السرايا الإسلامية لعقاب الذين شاركوا في حصار المسلمين، وكانت أولى هذه الحملات هي سرية محمد بن مسلمة رضي الله عنه إلى منطقة تعرف بالقرطاء على بُعد أكثر من ثلاثمائة كيلومتر من المدينة المنورة، وكانت هذه السرية موجهة إلى بطن بني بكر بن كلاب وكانت من قبائل نجد التي اشتركت في حصار المدينة في غزوة الأحزاب، وكانت السرية تضم ثلاثين فارسا، وقد ألقى الله عز وجل بهم الرعب في قلوب بني بكر، ففروا وتفرقوا في الصحراء، وقتل منهم عشرة، وساق ابن مسلمة وسريته عددا كبيرا من الإبل والشاء بلغ مائة وخمسين من الإبل، وثلاثة آلاف من الشاء، وزادت هيبة المسلمين، وارتفعت معنوياتهم.
في عهد الفاروق عمر
عندما جاء عهد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي استعان بمحمد بن مسلمة في متابعة الولاة، ومحاسبتهم، والتأكد من الشكاوى التي تأتي ضدهم، فكان موقع محمد بن مسلمة كالمفتش العام في دولة الخلافة.
وقد عاش قويا في الحق ثابتا عند الملمات، شجاعا لا يخشى في الحق لومة لائم، وقد سأله عمر بن الخطاب: كيف تراني يا محمد؟، فقال: أراك والله كما أحب، وكما يحب من يحب لك الخير، أراك قويا على جمع المال، عفيفا عنه، عدلا في قسمه، ولو ملت عدلناك كما يُعدل السهم في الثقاف، فقال عمر: هاه، فكررها محمد: لو ملت عدلناك كما يُعدل السهم في الثقاف، فقال عمر: الحمد لله الذي جعلني في قوم إذا ملت عدلوني.
موقفه في الفتن ووفاته
أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفا وأوصاه: "قاتل به المشركين ما قاتلوا فإذا رأيت المسلمين قد أقبل بعضهم على بعض فائت أحدا فاضربه به حتى تقطعه، ثم اجلس في بيتك حتى تأتيك يد خاطئة أو منية قاضية"، وظل على وصية حبيبه فاعتزل الفتن، وأقام بالربذة حتى اقتحم عليه المنزل شقي من أهل الأردن فقتله، سنة ثلاث أو اثنتين وأربعين، ودفن إلى جانب أبي ذر بالربذة رضي الله عنه وأرضاه وألحقنا به على خير.