يقول شيخ الاسلام ابن تيمية في [مجموع الفتاوي 11/274] :
فأولياء الله المتقون هم المقتدون بمحمد صلى الله عليه وسلم فيفعلون ما أمر به وينتهون عما عنه زجر ويقتدون به فيما بين لهم أن يتبعوه فيه فيؤيدهم بملائكته وروح منه ويقذف الله في قلوبهم من أنواره ولهم الكرامات التي يكرم الله بها أولياءه المتقين وخيار أولياء الله كراماتهم لحجة في الدين أو لحاجة بالمسلمين كما كانت معجزات نبيهم كذلك وكرامات أولياء الله إنما حصلت ببركة إتباع رسوله صصص فهي في الحقيقة تدخل فى معجزات الرسول صصص مثل انشقاق القمر وتسبيح الحصا في كفه وإتيان الشجر إليه وحنين الجذع إليه وإخباره ليلة المعراج بصفة بيت المقدس وإخباره بما كان وما يكون وإتيانه بالكتاب العزيز وتكثير الطعام والشراب مرات كثيرة كما اشبع في الخندق العسكر من قدر طعام وهو لم ينقص في حديث أم سلمة المشهور وأروى العسكر في غزوة خيبر من مزادة ماء ولم تنقص وملأ أوعية العسكر عام تبوك من طعام قليل ولم ينقص وهم نحو ثلاثين ألفا ونبع الماء من بين أصابعه مرات متعددة حتى كفى الناس الذين كانوا معه كما كانوا في غزوة الحديبية نحو ألف وأربعمائة أو خمسمائة ورده لعين أبى قتادة حين سالت على خده فرجعت أحسن عينيه ولما أرسل محمد بن سلمة لقتل كعب بن الأشرف فوقع وانكسرت رجله فمسحها فبرئت وأطعم من شواء مائة وثلاثين رجلا كلا منهم حز له قطعة وجعل منها قطعتين فأكلوا منها جميعهم ثم فضل فضلة ودين عبد الله أبى جابر لليهودي وهو ثلاثون وسقا قال جابر فأمر صاحب الدين أن يأخذ التمر جميعه بالذي كان له فلم يقبل فمشى فيها رسول الله صصص ثم قال لجابر جد له فوفاه الثلاثين وسقا وفضل سبعة عشر وسقا ومثل هذا كثير قد جمعت نحو ألف معجزة.
وكرامات الصحابة والتابعين بعدهم وسائر الصالحين كثيرة جدا مثل ما كان أسيد بن حضير يقرأ سورة الكهف فنزل من السماء مثل الظلة فيها أمثال السرج وهى الملائكة نزلت لقراءته.
#FF0000]]وكانت الملائكة تسلم على عمران بن حصين.
وكان سلمان وأبو الدرداء يأكلان في صحفة فسبحت الصحفة أو سبح ما فيها .
وعباد بن بشر وأسيد بن حضير خرجا من عند رسول الله في ليلة مظلمة فأضاء لهما نور مثل طرف السوط فلما افترقا افترق الضوء معهما رواه البخاري وغيره.
وقصة الصديق فى الصحيحين لما ذهب بثلاثة أضياف معه إلى بيته وجعل لا يأكل لقمة إلا ربى من أسفلها أكثر منها فشبعوا وصارت أكثر مما هي قبل ذلك فنظر إليها أبو بكر وامرأته فإذا هي أكثر مما كانت فرفعها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاء إليه أقوام كثيرون فأكلوا منها وشبعوا.
و خبيب بن عدى كان أسيرا عند المشركين بمكة شرفها الله تعالى وكان يؤتى بعنب يأكله وليس بمكة عنبة.
و عامر بن فهيرة قتل شهيدا فالتمسوا جسده فلم يقدروا عليه وكان لما قتل رفع فرآه عامر بن الطفيل وقد رفع وقال عروة فيرون الملائكة رفعته.
وخرجت أم أيمن مهاجرة وليس معها زاد ولا ماء فكادت تموت من العطش فلما كان وقت الفطر وكانت صائمة سمعت حسا على رأسها فرفعته فإذا دلو معلق فشربت منه حتى رويت وما عطشت بقية عمرها .
و سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم اخبر الأسد بأنه رسول رسول الله فمشى معه الأسد حتى أوصله مقصده .[/size]
و البراء بن مالك كان إذا اقسم على الله تعالى أبر قسمه وكان الحرب إذا اشتد على المسلمين فى الجهاد يقولون يا براء اقسم على ربك فيقول يا رب أقسمت عليك لما منحتنا أكتافهم فيهزم العدو فلما كان يوم القادسية قال أقسمت عليك يا رب لما منحتنا أكتافهم وجعلتني أول شهيد فمنحوا أكتافهم وقتل البراء شهيدا.
و خالد بن الوليد حاصر حصنا منيعا فقالوا لا نسلم حتى تشرب السم فشربه فلم يضره.
و سعد بن أبى وقاص كان مستجاب الدعوة ما دعي قط إلا استجيب له وهو الذي هزم جنود كسرى وفتح العراق.
و عمر بن الخطاب لما أرسل جيشا أمر عليهم رجلا يسمى سارية فبينما عمر يخطب فجعل يصيح على المنبر يا سارية الجبل يا سارية الجبل فقدم رسول الجيش فسأل فقال يا أمير المؤمنين لقينا عدوا فهزمونا فإذا بصائح يا سارية الجبل يا سارية الجبل فأسندنا ظهورنا بالجبل فهزمهم الله.
ولما عذبت الزبيرة على الإسلام في الله فأبت إلا الإسلام وذهب بصرها قال المشركون أصاب بصرها اللات والعزى قالت كلا والله فرد الله عليها بصرها.
ودعا سعيد بن زيد على اروى بنت الحكم فأعمى بصرها لما كذبت عليه فقال اللهم ان كانت كاذبة فأعم بصرها واقتلها في أرضها فعميت ووقعت فى حفرة من أرضها فماتت.
والعلاء بن الحضرمي كان عامل رسول الله على البحرين وكان يقول فى دعائه يا عليم يا حليم يا على يا عظيم فيستجاب له ودعا الله بأن يسقوا ويتوضئوا لما عدموا الماء والاسقاء لما بعدهم فأجيب ودعا الله لما اعترضهم البحر ولم يقدروا على المرور بخيولهم فمروا كلهم على الماء ما ابتلت سروج خيولهم ودعا الله أن لا يروا جسده إذا مات فلم يجدوه فى اللحد وجرى مثل ذلك .
لأبى مسلم الخولاني الذي ألقى في النار فانه مشى هو ومن معه من العسكر على دجلة وهى ترمى بالخشب من مدها ثم التفت إلى أصحابه فقال تفقدون من متاعكم شيئا حتى ادعوا الله عز وجل فيه فقال بعضهم فقدت مخلاة فقال اتبعني فتبعه فوجدها قد تعلقت بشىء فأخذها وطلبه الأسود العنسي لما ادعى النبوة فقال له أتشهد أنى رسول الله قال ما اسمع قال أتشهد أن محمدا رسول الله قال نعم فأمر بنار فألقى فيها فوجدوه قائما يصلى فيها وقد صارت عليه بردا وسلاما وقدم المدينة بعد موت النبي صصص فأجلسه عمر بينه وبين أبى بكر الصديق رضي الله عنهما وقال الحمد الله الذي لم يمتني حتى أرى من أمة محمد من فعل به كما فعل بإبراهيم خليل الله ، ووضعت له جارية السم في طعامه فلم يضره ، وخببت امرأة عليه زوجته فدعا عليها فعميت وجاءت وتابت فدعا لها فرد الله عليها بصرها .
وكان عامر بن عبد قيس يأخذ عطاءه ألفى درهم في كمه وما يلقاه سائل في طريقه إلا أعطاه بغير عدد ثم يجىء إلى بيته فلا يتغير عددها ولا وزنها ، ومر بقافلة قد حبسهم الأسد فجاء حتى مس بثيابه الأسد ثم وضع رجله على عنقه وقال إنما أنت كلب من كلاب الرحمن وأني استحى أن أخاف شيئا غيره ومرت القافلة ودعا الله تعالى ان يهون عليه الطهور في الشتاء فكان يؤتى بالماء له بخار ودعا ربه أن يمنع قلبه من الشيطان وهو فى الصلاة فلم يقدر عليه.
وتغيب الحسن البصري عن الحجاج فدخلوا عليه ست مرات فدعا الله عز وجل فلم يروه ، ودعا على بعض الخوارج كان يؤذيه فخر ميتا.
و صلة بن أشيم مات فرسه وهو في الغزو فقال اللهم لا تجعل لمخلوق على منة ودعا الله عز وجل فأحيا له فرسه فلما وصل إلى بيته قال يا بنى خذ سرج الفرس فانه عارية فأخذ سرجه فمات الفرس ، وجاع مرة بالأهواز فدعا الله عز وجل واستطعمه فوقعت خلفه دوخلة رطب في ثوب حرير فأكل التمر وبقى الثوب عند زوجته زمانا ، وجاء الأسد وهو يصلى في غيضة بالليل فلما سلم قال له اطلب الرزق من غير هذا الموضع فولى الأسد وله زئير.
وكان سعيد بن المسيب في أيام الحرة يسمع الأذان من قبر رسول الله صصص أوقات الصلوات وكان المسجد قد خلا فلم يبق غيره.
ورجل من النخع كان له حمار فمات في الطريق فقال له أصحابه هلم نتوزع متاعك على رحالنا فقال لهم أمهلوني هنيهة ثم توضأ فأحسن الوضوء وصلى ركعتين ودعا الله تعالى فأحيا له حماره فحمل عليه متاعه.
ولما مات أويس القرني وجدوا فى ثيابه أكفانا لم تكن معه قبل ووجدوا له قبرا محفورا فيه لحد فى صخرة فدفنوه فيه وكفنوه فى تلك الأثواب .
وكان عمرو بن عقبة بن فرقد يصلى يوما في شدة الحر فأظلته غمامة وكان السبع يحميه وهو يرعى ركاب أصحابه لأنه كان يشترط على أصحابه في الغزو انه يخدمهم .
وكان مطرف بن عبد الله بن الشخير إذا دخل بيته سجت معه آنيته وكان هو وصاحب له يسيران في ظلمة فأضاء لهما طرف السوط.
ولما مات الأحنف بن قيس وقعت قلنسوة رجل في قبره فأهوى ليأخذها فوجد القبر قد فسح فيه مد البصر . وكان إبراهيم التيمي يقيم الشهر والشهرين لا يأكل شيئا وخرج يمتار لأهله طعاما فلم يقدر عليه فمر بسهلة حمراء فأخذ منها ثم رجع إلى أهله ففتحها فإذا هي حنطة حمراء فكان إذا زرع منها تخرج السنبلة من أصلها إلى فرعها حبا متراكبا .
وكان عتبة الغلام سأل ربه ثلاث خصال صوتا حسنا ودمعا غزيرا وطعاما من غير تكلف فكان إذا قرأ بكى وأبكى ودموعه جارية دهره وكان يأوي إلى منزله فيصيب فيه قوته ولا يدرى من أين يأتيه.
وكان عبد الواحد بن زيد أصابه الفالج فسأل ربه أن يطلق له أعضاءه وقت الوضوء فكان وقت الوضوء تطلق له أعضاؤه ثم تعود بعده.
وهذا باب واسع قد بسط الكلام على كرامات الأولياء في غير هذا الموضع.
وأما ما نعرفه عن أعيان ونعرفه في هذا الزمان فكثير . اهـ.
رضي الله عنهم وجمعنا وإياهم في جنات النعيم